24‏/03‏/2010

غربة المكان..








لم تعد الغربة كما كانت تعني الرحيل عن الأحباب والأصحاب وذرف الدموع وإبداء ابتسامة وردية لتكفي شر عناء الناس..!!



ولكن أصبحت الغربة تحمل معاني كثيرة وتتجلّى في غربة الانسان عن نفسه.. حينها يبدو كل شيئ غريباً

عيناه..!!

تذوقه للأشياء..!!

حتى في اطلاقه لنسمات أنفاسه.!!

حتى عندما ننظر لأنفسنا في المرآة نشعر بالغربة نعم الغربة..!!؟

نتذكّر عنما كنا صغاراً نحضن الدمى ونتخاصم مع الأطفال وماهي ثواني ونعود كما كنّا نلعب ونتشقوى دون حقدٍ أو حسد..!

مررنا بفترة المراهقة كانت بداية سماعنا لتلك الأشعار الغزلية وممارسة طقوسنا الرومانسية والأغاني العاطفية كم ارتبطت تلك الأغاني بأماكن وجودنا...

في المدرسة.. والرحلات... في سطح المنزل..!!

أتذكّر عندما كنت وأخوتي نفرش ذلك البساط ونجتمع سويةً حول القهوة العربية وذلك الصحن المشهّي المليئ بالحلويات وبجوارنا كان يقبع الراديو الذي كان يشاركنا أيامنا الجميلة فقد تعوّد على محطة fm ..!!

ماأجمل أختي عندما كانت تردّد أغنيتها المفضّلة...


الله الله الله أيام عندما أتذكّرها أشعر بمدى الغربة عن ذلك الزمن عن ذلك البساط وعن ذلك الراديو والقهوة...!!
كم أشعر بالحنين لتلك الأيام حقاً مهما ذرفت الدموع فيها ومهما تذاكرتها لن أوفيها حقّها..
من أجمل الأيام عندما كنت في الصف الأول الثانوي كنّا نستعد لزواج اختي وكنت مسرورة حينها لأنّني سأراها عروساً كنت أعرف تماماً أنّها ستفوق كل عرائس تلك السنة بجمالها وروعة فستانها الأبيض والورود الوردية المنثّرة فيه بإبداع..
ثم أحالت علينا لحظة الغربة كما كنت أعتقد أنّ ليس للغربة غير هذا المعنى فكان يجب عليها أن تقطن وتستقر في مكان زوجها فنحن في مكة وستكون هي في الشرقية..!!
الكل حينها كان يتهرّب من وداعها وأولنا أبي فقد خرج من المنزل ولم يودّعها لأنّ قلبه لايقوى على ذلك..
في عصر ذلك اليوم إجتمعنا استعداداً للوداع وبدء تلقّي الصعوبات ..! لاأنسى ذلك الموقف عندما كانت أختي التي سنودعها في الدقائق الآتية تجلس مقابل إحدى اخواتي كنت بجانبهم وأرى ذلك المشهد الذي يكاد يرهقني لهذا اليوم عندما تناولت كلاً منهما قطعة من المعجّنات وتحاولا زرع الإبتسامة وهما تنظران بعضهما البعض...
ولكن أبت الإبتسامة حينها أن تاتي فتساقطت الدموع كما تسقط أوراق الخريف لتعلن نهاية ذلك الفصل وبداية فصل الشتاء الذي سيعانق أوجاعنا وسيول دموعنا..!!
كنت حينها أحتفظ بدموعي بيني وبين نفسي لم أكن أعلم حينها أنّ مصير الأيام ستجعلني أبكي أمام الملأ..!!
هكذا هي غربتنا حتى مع مستقبلنا لانعرف أين سنمضي وأين ستحط بنا الأقدار.
أكملت مشوار حياتي وانا اتعلّم كل شيئ جديد دخلت الجامعة وبدات انظر لهذا الصرح العظيم كوذنت صديقات عرفت حينها معنى الصداقة عرفت أنّ حياتي كلّها لم يكن لديّ صديقات مخلصات كصداقة وإخلاص من صادقتهم في الجامعة كانوا ومازالوا أجمل صديقات العمر..
مرّت السنون والشهور والأيام والساعات والدقائق والثواني وها هو يوم زفاف أختي التي تكبرني بثلاثة أعوام قد طل..
طل وطلّت معه الأفراح من جديد كنت سعيدة جداً لزواجها لم يخالجني إحساس البكاء أبداً كنت في قمة فرحي وسعادتي من أجلها.. كانت الانسانة القريبة لقلبي تحتضنني عندما أشعر بألمٍ ما على الرغم أنّنا كنا نتشاجر شبه يومي ولكن عندما
يحين وقت الجد أكون بجانبها وتكون بجواري..!
عندما كانت ترتّب أغراضها وتجهزّها قبل زفافها كنت اترقّب لحظة خروجها من الغرفة وأسرع لسرقة بعض أغراضها وأضعها في مكان آمن حتى أشتم رائحتها عند غيابها عنّي..
كانت تعلم حينها أنّني أخذت شيئاً منها وكنت أنفي أخذ أي شيئ وتنعتني بالسارقة..!!
ماأجمل تلك الأيام..الآن أين هي تلك الأيام أصبحت في غربة عنها فبيني وبين تلك الأيام أميااال وأميااال..!
جاء يوم زفافها وتتوّجت تاج أجمل عروس عام 2007م ..! لم أذرف أي دمعة حينها كنت متألقة فرحاً من أجلها..
مرّت أربعة أيام من زفافها وانا لم تسقط من عيني دمعة لم أعرف وقتها أنّني أعيش بدون وعي ..! خامس يوم بعد زفافها بينما كنت نائمة على سريري في وقت الظهيرة لم أشعر إلا بتلك النسمات العليلة التي تضاجع أذناي ولم أشتم غير رائحة عبقة كانت تعطّر المكان كنت أسمع دقّات قلبٍ تطرق دقّات قلبي كل هذا وأنا مغمضة العينين أخاف ان أفتح عيناي وأكون في حلم ولكن جمعت قواي العقلية والعاطفية وأقنعت نفسي بأنّها هنا تقبع في أرجاء الغرفة بل تقبع بجواري فتحت بصري وإذا بي أراها عروسة جميلة بابتسامتها الوضّاء عانقتها عناقاً لاأنساه أبداً لاأنساه شعرت حينها أنّ روحاً أتت من جديد لتحيني شعرت بأنّ كل تلك الأيام كنت في حالة إغماء بل إغماء عميق..!!
احتضنتني وكأنّني طفلة تبحث عن حنان أمها لتشعر بالآمان لتشعر بالراحة والإستقرار.
كنت أعتقد أنّني طبيعية جداً عندما لم تذرف دموعي لفراقها كنت أتمنى لها حياة نورانية لم أعتقد بأنّني أصبت بالإغماء الآن هي مع زوجها وأصبحت وحيدة هذا المكان وحيدة في غرفتي أنام وأصحو وأقرأ وأذاكر لوحدي وأشعر بغربة المكان وبحنين أيام اختلاف الآراء.
كم هي حياتنا غربة بحد ذاتها ذكريات وحاضر ومستقبل نتذكّر الماضي ونتألّم من مواقف ونبتسم تجاه مواقف أخرى نعيش حاضرنا بماضينا ولكن هناك غربة رغم تسلسل الأحداث.

21‏/03‏/2010

ذاكرة الماضي





ماأجمل هذه الأغنية بل ماأجمل هذا الفيلم بأكمله
مشاعر الفراق ومشاعر الحب هي المشاعر الوحيدة التي تشترك فيها جميع الشعوب
وجميع هذه الشعوب تشترك أيضاً في شكواها..
فمنهم من يشكو للبحر ومنهم من يدندن على ضوء القمر ومنهم من يجلس على الرصيف ويرثو حظه العاثر ومنهم من يبكي تحت قطرات المطر علّه يغسل دموعاً كوّنت أنهاراً مالحة وأمواجاً عاتية
ومنهم من يخاطب نفسه وكأنّه فقد عقله والصحيح هو لم يفقد عقله بل فقد وعيه..!!